المحاكم العرفية للإخوان تهدد هيبة الدولة

المحاكم العرفية للإخوان تهدد هيبة الدولة







هايدي عبدالوهاب
منذ أيام قليلة خرج علينا مرشد الإخوان المسلمين وهو يشهد تخريج الدفعة الخامسة من القضاة العرفيين وعددهم 125 قاضيا من محافظتى الشرقية وكفر الشيخ تحت دعوى أن هذه المحاكم هى وسيلة الجماعة لنصرة المظلوم فى كل بقاع الأرض سواء كان المظلوم مسلما أو غير مسلم وخاطب القضاة قائلا: «انتظروا الأجر العظيم من الله، وتوقعوا دائمًا العقبات؛ لأنكم تتعاملون مع نفوس، ولابد من التعامل معها بالعلاج؛ حيث كان الناس فى النظام البائد لا يستطيعون أن يحصلوا على حقوقهم بالقانون، وأدى ذلك إلى انتشار البلطجة التى نعانى منها الآن».
وعلل وجود هذه المحاكم لسد العجز، حيث تشهد المحاكم 8 ملايين حكم لا يستطيع أصحابها تنفيذها، و20 مليون قضية لا يبتُّ فيها، ولذا تأتى مدارس تخريج القضاة العرفيين حيث انتشرت قضايا النزاعات الأسرية نتيجة المسارعة من النظام السابق فى وضع القوانين التى تفسد العلاقة الأسرية، والقضاة العرفيون يقومون بأرقى الطاعات، وهى الإصلاح بين المتخاصمين، ونحن نتقرب إلى الله بهذه الأعمال وبهذه المدارس، موضحا أن هذه المدارس تخضع لنظام تعليمى محكم لمدة عامين، يدرس فيها الدارسون 16 مادةً من مواريث وأحكام الزواج والطلاق والحدود.
وبالمقابل أكد خبراء القانون والمجتمع المدنى أن المحاكم العرفية للإخوان المسلمين بدعة وخروج عن النظام العام للدولة ووجودها يعنى وجود قضاء مواز ينتقص من هيبة الدولة يقول محمد زارع - رئيس المنظمة المصرية للإصلاح الجنائى: إن المحاكم العرفية كلام فارغ يرجعنا لأزمنة مرت من 4 قرون فكيف نقبل بمدرسة تخرج قضاة تحكم بين الناس؟! فهذا قد يبدو مقبولا فى بعض البيئات كالبدو وشيوخ القبائل فى المجتمعات البعيدة عن الدولة والمدنية، ولكن غير مقبول أن يتم تخريج 5 دفعات فهم بذلك ليس عندهم قدسية القاضى، وهذا يدخل ضمن الدعاية الانتخابية للإخوان فهم يريدون الظهور بأن لهم تأثيرا فى شتى مجالات الحياة ولهم عدالتهم الخاصة، وأنا أرى أن هذا سيخلق نوعا من الدعاية السلبية التى تنتقص من هيبة الدولة والقانون وسيتسبب فى بلبلة وعدم استقرار وتهديد لمؤسسات الدولة فما هى الضمانة لتنفيذ هذه الأحكام وهذه المحاكم ستقوم بأدوار مختلفة ليست أدوارها كتشريع القوانين فهى بذلك ستقوم بدور مجلسى الشعب والشورى.
أما عمرو هاشم ربيع - أستاذ العلوم السياسية بمركز الأهرام للدراسات السياسية - فيرى أن قضاة الإخوان يمثلون قضاء موازيا فهم لهم مطلق الحرية إذا اقتصر الأمر على ندوات أو ورش للتوعية القانونية، ولكن إذا وصل الأمر للحكم بين الناس والفصل فى نزاعات أو قضايا جنائية أو قام بدور المشرع فهو قضاء موازٍ يهدد هيبة الدولة وأمنها.
الدكتور حسن الجميعى - أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة القاهرة - يقول إن لدينا فى مصر قانون التحكيم رقم 27 لسنة 94 وهو يتيح لأى شخص التحكيم فى المنازعات التى يجوز فيها الصلح وأن يختار المتضرر محكما أو أكثر بشرط أن يكون عددهم فرديا ولا يشترط أن يكون دارسا للقانون، ولكن يشترط أن يكون حسن السلوك وألا تكون صدرت ضده أحكام فى قضايا مخلة بالشرف فيختاره أطراف الخصومة التى يجوز فيها الصلح ويصدر المحكم حكمه وفق القانون ويعتبر الحكم كحكم المحكمة، حيث يتم إيداعه فى قلم المحكمة ويضع حكم التنفيذ وكأنه صادر من القاضى وهذا القانون سمحت به الدولة وهو جزء من نظام الدولة الحالى وقد لايتم الصلح وفقا لهذه الأحكام ويضطر المتضرر أن يلجأ للقضاء العادى إذا لم يرتض بالأحكام العرفية وليس فى هذا النوع انتقاص من هيبة الدولة أو المساس بها ويجوز لكل فرد تنطبق عليه الشروط أن يكون محكما عرفيا حكمه غير ملزم وإذا قام الأطراف بتغييره لجأوا للقضاء، ولكن هناك قضايا لا يمكن الاستناد فيها للعرف كالقضايا التى تخص الدولة والمتعلقة بحقوق الدولة إذا لم يكن هناك تفويض من الدولة متمثلة فى وزارة أو مؤسسة. ولا يجوز الاستناد للمحاكم العرفية فى قضايا الأحوال الشخصية ولا يجوز فى القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان أو قضايا القتل إلا القتل الخطأ فيجوز فيه الاستناد لمحاكم عرفية وغير ذلك فيه تخطٍ للقانون، لذلك فإن المحاكم العرفية للإخوان التى تفصل فى قضايا الأحوال الشخصية استنادا إلى أن جميع هذه القوانين شرعت فى العهد الماضى ولم تكن متوافقة مع الشريعة الإسلامية فهذا فيه تخطٍ للقانون ومن يلجأ إليها مخطئ ولا تعتبر بديلا للقضاء العادى.
الدكتور أيمن سلامة - أستاذ القانون الدولى - يرى أن المحاكم العرفية ستزيد من حالة الفوضى التى تمر بها البلاد ولابد للدولة أن تبسط يدها وتعمل قوانينها ودستورها فإعمال القانون أحد مظاهر السيادة الداخلية للدولة وبدلا من أن نبتدع بدعا جديدة ومسميات غريبة يجب أن نحاور مسئولين حكوميين وغير حكوميين على مختلف الأجهزة ونحاول أن نبنى قضاء مستقلا منفصلا تماما عن السلطتين التنفيذية والتشريعية بعد أن عانى القضاء المصرى منذ عام 1953 من تغول السلطة التنفيذية واعتدائها وامتهانها للسلطة القضائية فالقضاء، المستقل أحد أركان الدولة الأساسية وإحدى ركائز الديمقراطية فلا حديث عن تحول ديمقراطى أو حداثة بدون استقلال قضائى للدولة، فلا يوجد لدينا فى مصر ولا فى الدول العربية كلها قضاء مستقل وإننى أرى أنه من شأن انتزاع وابتداع كيانات قضائية تخرج من عباءة الدولة ليس من شأن هذا تقويض سلطة الدولة بشكل عام والهيئة القضائية بشكل خاص وجليا أن القضاء الشرعى أو العرفى أو البدوى معترف به فى مناطق بالدولة، وهو ذلك القضاء الذى يطبق فى سائر المنازعات فى القبائل المصرية لكن ما يفعله الإخوان بدعة وخروج عن النظام العام للدولة.
ناصر أمين مدير المركز العربى لاستقلال القضاء يقول إن القضاء العرفى هو جزء من الثقافة المصرية فى بعض المناطق النائية ولكن ما يفعله الإخوان المسلمون مساس بهيبة الدولة ويجب التحقيق الفورى فيه ومعرفة على أى أساس يتم اختيار هؤلاء القضاة وأنواع القضايا التى يتم الفصل فيها وما هو التنظيم الذى يجمع هؤلاء القضاة العرفيين فالمحاكم العرفية للإخوان فى منتهى الخطورة وتعمل على تآكل الجسد المصرى وخلق كيانات موازية ويمثل اعتداء على القضاء وتهديدا لوحدة الكيانات المؤسسية.
ليست قضاءً موازياً
من جانبه أكد صبحى صالح المحامى والقيادى بجماعة الإخوان المسلمين أن معظم البيئات القبلية وأهالى الصعيد يلجأون إلى المحاكم العرفية ويلجأون للحكام من أهل الخبرة ولا يلجأون للمحاكم العادية موضحا أن الجماعة رأت أن الذى يحكم لابد أن يكون لديه الحد الأدنى من المعرفة القانونية لذلك فهو يدرس عامين ليكون لديه الحد الأدنى بالعرف المتبع وتقاليد المنطقة التى يتواجد فيها وأن تكون أحكامه متفقة مع الشرع فهو يحكم بالعرف والتقاليد بما لا يتعارض مع قانون أو شرع، فالجماعة لم تخترع المحاكم العرفية فهى موجودة فى مصر.
وعن أن المحاكم العرفية هى قضاء موازِ ينتهك هيبة الدولة قال صالح: استغفر الله العظيم هى ليست قضاءً موازياً فهى قائمة على فكرة الإصلاح ولا تفصل فى منازعات ولا قضايا ولكنها تصلح بين الناس فمثلاً إذا كان هناك واحد على خلاف مع زوجته فإن المحكم الأهلى العرفى يحاول الإصلاح بينهما قبل الوصول للمحكمة وإذا كانت القضية موجودة بالفعل فى المحكمة فإنه بعد الصلح يذهب الزوج وزوجته للمحكمة للتنازل عن القضية وهذا ليس معناه أن جماعة الإخوان المسلمين تعترض على القوانين الموجودة.
وعن مقرات القضاة العرفُيين رفض صالح تسميتهم بالقضاة مشيرا إلى أن الجماعة تطلق عليهم محكمين عرفيين ويتواجدون فى القرى والمساجد ويعقدون جلساتهم فى المنازل والأحياء.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مريم العذراء أعلى الإيرادات فى فنزويلا

Egypt economy recovering, wants Europe debt relief