الإسلاميون نجحوا في تركيا لأنهم تركوا الشعارات الدينية وقدموا برامج لحل المشكلات
كتب ناهد سعد
العدد 1894 - الخميس الموافق - 1 سبتمبر 2011
استطاع حزب العدالة والتنمية تحقيق المعادلة الصعبة بتعايشه وتعامله مع دولة علمانية مثل تركيا دون حدوث صدام مع الجيش، وفي أول زيارة لهذا الحزب إلي مصر بعد الثورة كان لنا لقاء مع أحد أعضاء الوفد وهي ناتالي دابيكان أمينة لجنة الشباب بالحزب والتي سألناها في البداية عن سبب الزيارة وانطباعها عن مصر بعد الثورة والأوضاع بها فقالت:إن سبب الزيارة هو تلقي دعوة من أكثر من حزب سياسي في مصر لزيارته، كذلك رغبة حزب التنمية والعدالة التركي في التعرف علي التجربة الثورية في مصر وهي تمثل الثورات في الوطن العربي خاصة وأنها نجحت بالفعل في إزاحة الحكم المستبد وكان ذلك بطريقة سلمية من جانب الشباب الذين صمدوا في الميادين حتي تحقق هدفهم بالحرية بالإضافة إلي دعم هؤلاء الشباب السياسيين الجدد.
هل تدعمون حزب الحرية والعدالة في مصر وهو الحزب السياسي المعبر عن جماعة الإخوان المسلمين، وهل حزب التنمية والعدالة التركي امتداد لجماعة الإخوان المسلمين في منطقة الشرق الأوسط؟
أساس حزب التنمية والعدالة بالفعل أساس إسلامي لكن تعاملاته تعتمد علي الوسطية ولا علاقة بين الإخوان المسلمين في مصر وحزبنا ولكننا ندعم الأحزاب الجديدة التي نشأت بعد الثورة المصرية والتي ستعبر عن الحياة الديمقراطية في مصر الجديدة ومن بينها حزب الحرية والعدالة في مصر وهو منبثق من الثورة المصرية، بالنسبة لكون حزب العدالة والتنمية هو جزء من تنظيم دولي إسلامي سياسي فهذا غير صحيح فهو عبارة عن تجربة تركية يمكن أن تتكرر عن طريق المصادفة أو الاقتداء.
كيف حققتم المعادلة الصعبة بكونكم حزبا إسلاميا متعايشا مع دولة علمانية؟
بالفعل التجربة التركية تحتوي العديد من التناقضات فهي خليط من إسلام وعلمانية، عثمانية وأوروبية، دكتاتورية وديمقراطية، حكم الشعب وحكم العسكر، بين شارع يملأه الإسلام ودستور يحاربه. هذا هو الواقع الذي يجب التعامل معه بالحكمة، والرهان علي النفس الطويل في التطوير، وتأجيل طرح المحاور المثيرة، وإعادة ترتيب الأولويات، وإيلاء قضايا المعاش، وحقوق الإنسان، واحترام القانون، ومقاومة الفساد في نخبة الحكم الأهمية الكبري، وتهيئة البلد للانضمام إلي أوروبا سبيل آخر للتقوي علي الباب العالي الجديد، والحد من سلطانه المطلق.
كيف تتعايشون مع سلطة الجيش التركي في حماية مدنية الدولة مع محاولاتكم لتقليص سلطاته دون حدوث صدام بينكم وبينه؟
لقد كان من أهم الدروس التي استقاها الحزب تجنب كل ما يفضي إلي تجدد الصدام مع صاحب السلطة، بل العمل علي كسب ثقته، وكذا تجنب الصدام مع العسكر ومعبدهم العلماني، وهو ما لا يمكن تحقيقه مع استمرار الفكر القديم المتشدد، الطرف المباشر في ذلك الصدام. وكذا إعطاء الأولوية للعلاقة مع أوروبا وللاقتصاد الحر، والابتعاد عن إثارة المعارك حول بعض القضايا الحساسة، مثل الحجاب، باعتباره من أسخن ساحات الصراع بين التيار الإسلامي والتيار العلماني، الذي لم يتردد في طرد نائبة من البرلمان، وشطبها، رغم أنها منتخبة... فقط بسبب إصرارها علي غطاء الرأس، وهو ممنوع بنص دستوري، مع أن الزائر لتركيا يفاجأ بالحجم الواسع لانتشار الحجاب، حيث يتراوح في مدينة مثل إسطنبول بين 70 إلي 80%.
ما سبل دعم الحزب ماديًا؟
الحزب يحصل علي تمويل من الخزانة العامة التركية بالإضافة إلي رجال أعمال كثيرين ينتمون إلي الحزب ويشكلون موارد أساسية للحزب تتمثل في تبرعات واشتراكات شهرية.
ما تفسيركم لتراجع الإخوان عن شعاراتهم الدينية في الظهور رغم تمسكهم بها في الخفاء وهو ما قد يمثل خداعا؟
السياسة في بعض ما تحتاج إلي مواربة ولكن ليس في المبادئ الأساسية للجماعات أو الثبات علي المواقف وهو ما يضر أكثر مما ينفع وفي تركيا نفس الأمر إذ إنه من الممنوع استخدام الشعارات الدينية إلا أنه من المعروف من هو الإسلامي من غير الإسلامي، ولكن يجب أن تعمل الأحزاب لخدمة المواطنين حتي تستطيع تحقيق جماهيرية شعبية عالية وهي الضمانة الوحيدة لهم.
وكيف استطاع الحزب تحقيق الشعبية الجماهيرية؟
نجح الإسلاميون في إدارتهم للمدن التركية الكبري مثل إسطنبول وأنقرة وأرض روم كانت ممتازة، وهو الأداء الذي جعل من أردوغان نجمًا ساطعًا في سماء إسطنبول، لا بشعارات إسلامية هي أصلا محظورة الاستعمال في تركيا بل ببرامجه وإنجازاته، التي جعلت الماء والكهرباء ووسائل النقل والخبز تصل إلي كل بيت، والطرقات معبدة ونظيفة، وعشرات الآلاف من الطلبة يتمتعون بالمنح، وإضافة إلي تأمين فائض في خزائن البلدية، بعد أن كانت مثقلة بديون تبلغ عدة مليارات من الدولارات فرصيد الإسلاميين في الحكم، وحل مشاكل الناس، ليس مجرد شعارات تحابي المؤمنين، وتعدهم بالجنة، وتخوّفهم بالنار، علي أهمية أثر ذلك لو حصل، وإنما برامج عملية لحل مشكلات معيشية، فشلت أحزاب العلمنة في حلها.
ما موقفكم من الثورات العربية في الوطن العربي خاصة؟
- نحن أول الدول الأوروبية الداعمة للحركات الثورية فكانت تركيا أول من ساعد الثورة في سوريا ودعمتها فتركيا تستقبل يوميًا اللاجئين من النظام القمعي السوري وقد أصدرت تركيا أكثر من خطاب شجب وتنديد ورفض للممارسات الشرسة التي يفعلها النظام السوري ضد شعبه.
هل تري إمكانية تحقيق النموذج التركي في مصر؟
- في النموذج التركي نجد أن هناك مبادئ فوق دستورية هي المبادئ الأتاتوركية التي تحمي علمانية الدولة والتي قد يتفق أو يختلف معها البعض والتي يقوم علي حمايتها المؤسسة العسكرية الضامنة لبقاء وحدة الدولة ومدنيتها أو أي محاولات للخروج عن دستور الدولة التركية وقد لمسنا أن هذا هو نفس ما تطالب به العديد من القوي التي تتمني دولة مدنية قوية موحدة يسود فيها القانون في مصر كذلك فهذا الأمر يرتبط بمدي تأثر التيارات الإسلامية في مصر بتجربة تركيا وحزب «العدالة والتنمية»، خاصة أن أهمية هذا النموذج تكمن في أنه استطاع حل التناقض الشكلي أو الظاهري بين الإسلام والديمقراطية، إذ قدم نموذجًا لتداول السلطة وقبول الآخر والتعامل مع الأقليات وغيرها من الأمور المعقدة بطريقة ناجحة.
العدد 1894 - الخميس الموافق - 1 سبتمبر 2011
استطاع حزب العدالة والتنمية تحقيق المعادلة الصعبة بتعايشه وتعامله مع دولة علمانية مثل تركيا دون حدوث صدام مع الجيش، وفي أول زيارة لهذا الحزب إلي مصر بعد الثورة كان لنا لقاء مع أحد أعضاء الوفد وهي ناتالي دابيكان أمينة لجنة الشباب بالحزب والتي سألناها في البداية عن سبب الزيارة وانطباعها عن مصر بعد الثورة والأوضاع بها فقالت:إن سبب الزيارة هو تلقي دعوة من أكثر من حزب سياسي في مصر لزيارته، كذلك رغبة حزب التنمية والعدالة التركي في التعرف علي التجربة الثورية في مصر وهي تمثل الثورات في الوطن العربي خاصة وأنها نجحت بالفعل في إزاحة الحكم المستبد وكان ذلك بطريقة سلمية من جانب الشباب الذين صمدوا في الميادين حتي تحقق هدفهم بالحرية بالإضافة إلي دعم هؤلاء الشباب السياسيين الجدد.
هل تدعمون حزب الحرية والعدالة في مصر وهو الحزب السياسي المعبر عن جماعة الإخوان المسلمين، وهل حزب التنمية والعدالة التركي امتداد لجماعة الإخوان المسلمين في منطقة الشرق الأوسط؟
أساس حزب التنمية والعدالة بالفعل أساس إسلامي لكن تعاملاته تعتمد علي الوسطية ولا علاقة بين الإخوان المسلمين في مصر وحزبنا ولكننا ندعم الأحزاب الجديدة التي نشأت بعد الثورة المصرية والتي ستعبر عن الحياة الديمقراطية في مصر الجديدة ومن بينها حزب الحرية والعدالة في مصر وهو منبثق من الثورة المصرية، بالنسبة لكون حزب العدالة والتنمية هو جزء من تنظيم دولي إسلامي سياسي فهذا غير صحيح فهو عبارة عن تجربة تركية يمكن أن تتكرر عن طريق المصادفة أو الاقتداء.
كيف حققتم المعادلة الصعبة بكونكم حزبا إسلاميا متعايشا مع دولة علمانية؟
بالفعل التجربة التركية تحتوي العديد من التناقضات فهي خليط من إسلام وعلمانية، عثمانية وأوروبية، دكتاتورية وديمقراطية، حكم الشعب وحكم العسكر، بين شارع يملأه الإسلام ودستور يحاربه. هذا هو الواقع الذي يجب التعامل معه بالحكمة، والرهان علي النفس الطويل في التطوير، وتأجيل طرح المحاور المثيرة، وإعادة ترتيب الأولويات، وإيلاء قضايا المعاش، وحقوق الإنسان، واحترام القانون، ومقاومة الفساد في نخبة الحكم الأهمية الكبري، وتهيئة البلد للانضمام إلي أوروبا سبيل آخر للتقوي علي الباب العالي الجديد، والحد من سلطانه المطلق.
كيف تتعايشون مع سلطة الجيش التركي في حماية مدنية الدولة مع محاولاتكم لتقليص سلطاته دون حدوث صدام بينكم وبينه؟
لقد كان من أهم الدروس التي استقاها الحزب تجنب كل ما يفضي إلي تجدد الصدام مع صاحب السلطة، بل العمل علي كسب ثقته، وكذا تجنب الصدام مع العسكر ومعبدهم العلماني، وهو ما لا يمكن تحقيقه مع استمرار الفكر القديم المتشدد، الطرف المباشر في ذلك الصدام. وكذا إعطاء الأولوية للعلاقة مع أوروبا وللاقتصاد الحر، والابتعاد عن إثارة المعارك حول بعض القضايا الحساسة، مثل الحجاب، باعتباره من أسخن ساحات الصراع بين التيار الإسلامي والتيار العلماني، الذي لم يتردد في طرد نائبة من البرلمان، وشطبها، رغم أنها منتخبة... فقط بسبب إصرارها علي غطاء الرأس، وهو ممنوع بنص دستوري، مع أن الزائر لتركيا يفاجأ بالحجم الواسع لانتشار الحجاب، حيث يتراوح في مدينة مثل إسطنبول بين 70 إلي 80%.
ما سبل دعم الحزب ماديًا؟
الحزب يحصل علي تمويل من الخزانة العامة التركية بالإضافة إلي رجال أعمال كثيرين ينتمون إلي الحزب ويشكلون موارد أساسية للحزب تتمثل في تبرعات واشتراكات شهرية.
ما تفسيركم لتراجع الإخوان عن شعاراتهم الدينية في الظهور رغم تمسكهم بها في الخفاء وهو ما قد يمثل خداعا؟
السياسة في بعض ما تحتاج إلي مواربة ولكن ليس في المبادئ الأساسية للجماعات أو الثبات علي المواقف وهو ما يضر أكثر مما ينفع وفي تركيا نفس الأمر إذ إنه من الممنوع استخدام الشعارات الدينية إلا أنه من المعروف من هو الإسلامي من غير الإسلامي، ولكن يجب أن تعمل الأحزاب لخدمة المواطنين حتي تستطيع تحقيق جماهيرية شعبية عالية وهي الضمانة الوحيدة لهم.
وكيف استطاع الحزب تحقيق الشعبية الجماهيرية؟
نجح الإسلاميون في إدارتهم للمدن التركية الكبري مثل إسطنبول وأنقرة وأرض روم كانت ممتازة، وهو الأداء الذي جعل من أردوغان نجمًا ساطعًا في سماء إسطنبول، لا بشعارات إسلامية هي أصلا محظورة الاستعمال في تركيا بل ببرامجه وإنجازاته، التي جعلت الماء والكهرباء ووسائل النقل والخبز تصل إلي كل بيت، والطرقات معبدة ونظيفة، وعشرات الآلاف من الطلبة يتمتعون بالمنح، وإضافة إلي تأمين فائض في خزائن البلدية، بعد أن كانت مثقلة بديون تبلغ عدة مليارات من الدولارات فرصيد الإسلاميين في الحكم، وحل مشاكل الناس، ليس مجرد شعارات تحابي المؤمنين، وتعدهم بالجنة، وتخوّفهم بالنار، علي أهمية أثر ذلك لو حصل، وإنما برامج عملية لحل مشكلات معيشية، فشلت أحزاب العلمنة في حلها.
ما موقفكم من الثورات العربية في الوطن العربي خاصة؟
- نحن أول الدول الأوروبية الداعمة للحركات الثورية فكانت تركيا أول من ساعد الثورة في سوريا ودعمتها فتركيا تستقبل يوميًا اللاجئين من النظام القمعي السوري وقد أصدرت تركيا أكثر من خطاب شجب وتنديد ورفض للممارسات الشرسة التي يفعلها النظام السوري ضد شعبه.
هل تري إمكانية تحقيق النموذج التركي في مصر؟
- في النموذج التركي نجد أن هناك مبادئ فوق دستورية هي المبادئ الأتاتوركية التي تحمي علمانية الدولة والتي قد يتفق أو يختلف معها البعض والتي يقوم علي حمايتها المؤسسة العسكرية الضامنة لبقاء وحدة الدولة ومدنيتها أو أي محاولات للخروج عن دستور الدولة التركية وقد لمسنا أن هذا هو نفس ما تطالب به العديد من القوي التي تتمني دولة مدنية قوية موحدة يسود فيها القانون في مصر كذلك فهذا الأمر يرتبط بمدي تأثر التيارات الإسلامية في مصر بتجربة تركيا وحزب «العدالة والتنمية»، خاصة أن أهمية هذا النموذج تكمن في أنه استطاع حل التناقض الشكلي أو الظاهري بين الإسلام والديمقراطية، إذ قدم نموذجًا لتداول السلطة وقبول الآخر والتعامل مع الأقليات وغيرها من الأمور المعقدة بطريقة ناجحة.