جدل طبى حول استخدام دماء الأبقار بديلاً للدم البشرى
جدل طبى حول استخدام دماء الأبقار بديلاً للدم البشرى
صورة أرشيفية
كتبت فاطمة خليل
فى مفاجأة سارة للأطباء والمرضى الذين يعانون كثيرا للوصول إلى دماء تتوافق مع فصائلهم، اكتشف العلماء أنه من الممكن استخدام دم الأبقار كبديل آمن للدم البشرى، فى ظل نقص أكياس الدم وعدم توافره فى المستشفيات ونشوء سوق سوداء لبيعه.ودم الأبقار لا يتطلب مطابقته لفصيلة دم المريض، كما يمكن الاحتفاظ به لمدة 3 سنوات فى الثلاجات، وقد قادت الصدفة البحتة إلى هذا الاكتشاف، بعد أن تعرضت الأسترالية تامارا كوكلى مدربة الخيول، التى تبلغ من العمر 33 عاماً، لحادث سيارة خسرت فيه حوالى أربعة لترات من الدم، وتم إمدادها بعشر وحدات من الدم المسمى بـ"ب دأ-201" تم نقله من الولايات المتحدة ويحتوى على جزيئة منحدرة من دم الأبقار، مما ساعدها فى استعادة مستوى كرات الدم الحمراء المسئولة عن نقل الأكسجين فى الجسم.
الدكتور محمود عبد العزيز، رئيس شعبة الهندسة الوراثية بالمركز القومى للبحوث، أكد لـ"اليوم السابع"، أن هذا الأمر ليس له أى أساس من الصحة، حيث إنه يرى أن نقل دم الأبقار إلى البشر يعنى دخول أجسام غريبة إلى جسم الإنسان، مما قد يؤدى إلى تجلط الدم ووفاة الشخص الذى ينقل له الدم.
وأوضح أن التركيب البروتينى مختلف تماماً بين دم البشر وبين دم الأبقار، حيث إن كلاهما يتكون من كرات دم حمراء وبيضاء وإنزيمات وصفائح دموية لكنها مختلفة تماماً بين كل نوع من الدم، مضيفاً أن نقل الدم من الحيوانات للبشر أمر غير وارد على الإطلاق، حيث إنه من غير المعقول حتى نقل دم بين البشر دون أن تكون نفس فصيلة الدم.
وأشار إلى أن دخول دم غريب عن دم الإنسان أو حتى دم من فصيلة دموية مختلفة عن فصيلة دم الإنسان يؤدى إلى أن الجهاز المناعى للإنسان يتعامل مع هذه الأجسام الغريبة ويحاربها بل من الممكن أن تؤدى لوفاة الشخص المنقول إليه الدم.
وأضاف أن الدم الصناعى أو المهندس وراثى لا يستطيع أن يعوض الإنسان عن المكونات الطبيعية للدم البشرى، كما أنه ليس متداولاً بشكل كبير، لأنه من الصعب صناعة نسيج مكون من خلايا دم بيضاء وحمراء وإنزيمات وصفائح دموية.
الدكتور عبد الهادى مصباح، أستاذ المناعة والتحاليل الطبية وزميل الأكاديمية الأمريكية، أوضح أن هذا الاكتشاف ليس مجرد نقل دم بشكل مباشر من الأبقار إلى الإنسان، وإنما قاموا بهندسة الدم وراثياً لتعديل الجين المسئول عن تصنيع الهيموجلوبين فى الدم.
وأوضح أن تجارب نقل الدم من الحيوانات مثل الأبقار بدأت منذ سنوات عديدة فى الولايات المتحدة وبريطانيا، لم تنجح فى البدايات، حيث كان جسم الإنسان يلفظ هذا الدم، وأشار إلى أن دم الأبقار الذى يتم هندسته وراثياً له العديد من المزايا، منها أنه من الممكن تخزين كميات كبيرة منه دون فترة صلاحية بعكس الدم البشرى الذى ينبغى أن يكون طازجاً، وكذلك فإن هذا الدم يمكن إعطاءه لأى إنسان، بغض النظر عن فصيلة دمه.
وأكد أن هناك بعض العقبات التى تحول دون استخدام دم الأبقار كبديل للدم البشرى، منها أنه لابد من متابعة الحالة الصحية للشخص الذى ينقل له هذا الدم على المدى الطويل، كما أن هذا الدم يجعل الكلى لا تستطيع أن تفرز ناتج البوتين مما يؤدى إلى الفشل الكلوى.
من جانبه، قال الدكتور هشام الخياط، أستاذ الكبد والجهاز الهضمى بمعهد تيودور بلهارس، إن تصنيع الدم بالهندسة الوراثية بدأ منذ سنوات، حيث حاول العلماء صناعة دم له صفات الدم البشرى، ولكن لم تنجح هذه التجارب فى بدايتها.
وأوضح أن مشكلة هذا النوع من الدماء أن تكلفته مرتفعة للغاية، ولا يمكن تعميمه على المدى القريب، وتوقع أن يكون لهذا الدم المصنع وراثياً من دم الأبقار تأثير إيجابى كبير على مرضى الدم فى المستقبل، مضيفا أن هذا الدم سوف يحل مشاكل عديدة منها ندرة الدم البشرى وقلته فى بنوك الدم وصلاحيته لكافة فصائل الدم، مشيراً إلى أن مشاكله تتمثل فى لفظ الجهاز المناعى للإنسان لهذا الدم باعتباره غريباً عليه.
وأشار إلى أن هناك أملاً كبيراً فى الفترة المقبلة أن يتم صناعة هذا الدم المصنع بالهندسة الوراثية بأسعار معقولة وحتى يستطيع الأطباء استخدامه بسهولة.